قضاء الصلاة المفروضة المتروكة عمدًا .

 قضاء الصلاة المفروضة المتروكة عمدًا .
س1 / هل يجب قضاء الفوائت من الصّلوات المتروكة عمدًا؟ وهل يصحّ استدلال من يُسقط قضاء الفوائت من الصلوات المتعمّد بكونها: "مادامت لا تقبل قبل وقتها فكذا هي لا تُقبل بعد وقتها"؟
س2 / هل يصحّ الاستدلال بحديث جبر النّوافل للفرائض يوم القيامة على عدم وجوب قضاء الفوائت من الفرائض؟
س3 / كيف يجب قضاء الفوائت مع ما في الحديث من أنّ الفرائض تُجبر بالنّوافل؟
س4 / هل يسوغ تقليد القول بسقوط القضاء على من عليه فوائت كثيرة ؟
س5 / ما طريقة قضاء الفوائت من الصّلوات؟
س6 / كيف يتم حساب الفوائت وهل فى المسألة إجماع؟
س7 / لاستحالة الحساب ابتديت من وقت بلوغي كل يوم اقضي معه يوم ولكني لا اعلم ان كنت سأعيش للغد لأعيش 13 سنة وأكمل ما عليّ بصير اقضي بوقت الصبح وقت غير صبح وكذا ببقية الأوقات؟
س8 / لماذا تقولون يشترط للتوبة قضاء الصلاة؟ اليست التوبة تجب ما قبلها؟
س9 / اذا كان المذنب على جهل بما أذنب ثم علم خطأه .. ليه المفروض يعيد الصلاة والصوم بما أنه لم يكن متعمدا لمعصية الله!

فى البداية وقبل الأسئلة والأجوبة
للنّاس اللي فاتتهم صلوات مفروضة ، ومستصعبين موضوع القضاء.
نقول= لو الشّخص التزم وتاب فعلًا وأناب ، المفروض أنّه ع الأقلّ هيصلّي السُّنن الرواتب الـ ١٢ ركعة.. ويكون له حَظّ من قيام الليل ولو ركعات قليلة.

طيب ، يعني ١٢ ركعة + ركعتي قيام الليل + ركعتي الضّحى = ١٦ ركعة .
وعدد ركعات الصلوات المفروضة في اليوم = ١٧ ركعة.
يعني لو الشّخص الذي عليه قضاء فوائت كثيرة بدَأ يصلّي كل يوم ٥ فروض من اللي عليه بدل أن يُصلي النوافل = هيقضي يومًا مع كل يوم. طيّب ونضيّع السُّنن ؟
- ماذا تُريد ؟ الأجر وإبراء الذمّة.

 تمام ، من ناحية الأجر فالفرائض التي ستصلّيها أعظم أجرًا وأحبّ إلى الله من النوافل التي كنت ستصلّيها ، لقوله تعالى في الحديث القدسي "وما تقرّب إلَيّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إلَيّ مما افترضتُه عليه"
أضِف إلى ذلك أنّ كثيرًا من الفقهاء يقولون إنّ مَن يقضي الفوائت في وقت قيام الليل= يُكتَب له أجر القيام ، يعني قد قضيت ما عليك ونِلت أجر القيام ، واللهُ كريمٌ سُبحانَه.

ومن ناحية إبراء الذمّة = فأنت ساعٍ في هذا ، وبعد فترة ستجد أنّك قد قضيت ما عليك وقد أبرأتَ الذمّة وأتممتَ التّوبة وحُزتَ المُنَى.
طيّب أقضي امتى وازّاي ؟
-في أيّ وقت من اليوم ، تُصلّي ما تشاء من الصلوات التي عليك ، بنيّة قضاء الفوائت ، كلّ صلاة على صورتها (يعني الفجر ركعتين والظهر أربعًا وهكذا...)
طب لازم أصلّي الصلوات دي بالترتيب ؟ يعني الفجر بعده الظهر بعده العصر وكده ؟

في مسألة وجوب الترتيب خلاف ، ويسَعُك تقليد الجمهور القائلين بعدم وجوبِه في هذه الحالة ، لكن الترتيب ده هيريّحك في الحساب ، يعني بعد ما تخلّص ٥ صلوات كده هتبقى خلّصت يومًا ممّا عليك ، وهكذا.
طيّب أنا مش فاكر عليّ كام يوم أو كام سنة... أعمل ايه ؟
تحتاط ، يعني أنت مش فاكر همّا ٥ سنين ولّا ٦ ، احسب أنهم ٦ احتياطًا ، فإن كانوا ٥ فالباقي في ميزان حسناتك . طيب هوّ أنا مش تُبت إلى الله ؟ ليه أقضي اللي عليّ ؟
لأنّ القضاء ده من تمام التّوبة ، هو ليه اللي بيسرق لمّا يتوب بـيفضل مُطالَب برضو بأنّه يرجّع اللي سرقه ؟ لأنّ هذا حقّ العباد ." فـدَينُ الله أحَقّ أن يُقضَى "
وعلى فكرة ، هذا قول جمهور العلماء ، ونـقَل النووي وابن قدامة وغيرهما = الإجماع عليه.
استعن بالله واحتَط لعماد دينك ، الصلاة التي إن صلُحَت فقد أفلحتَ وأنجـَحت.
واللهُ يوفقّنا وإيّاكم.

محمد بن رفعت الجعفري .
س1 / هل يجب قضاء الفوائت من الصّلوات المتروكة عمدًا؟ وهل يصحّ استدلال من يُسقط قضاء الفوائت من الصلوات المتعمّد بكونها : "مادامت لا تقبل قبل وقتها فكذا هي لا تُقبل بعد وقتها"؟
ج / يجب قضاء الفوائت من الصّلوات المتعمّد تركها باتّفاق فقهاء المذاهب الأربعة وجمهور علماء الإسلام، ومن أقوى أدلّتهم على ذلك هو قول النّبيّ ﷺ : « فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى»، وفي رِواية: « فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ»، ووجهه أنّ الصّلاة لمّا دخل وقتها ثبتت في الذّمّة، فبقيت بعد الوقت دينًا لله، ويدلّ على ذلك أيضًا القياس الأولويّ على النّائم والنّاسي ومن لم يتعمّد تركها لقوله ﷺ : « مَن نسِيَ صلاةً، فلْيُصلِّها إذا ذكرَها، لا كَفَّارة لها إلا ذلك» وفي رِواية: «إذا رقَدَ أحدُكم عن الصلاةِ أو غفَلَ عنها، فلْيُصلِّها إذا ذكَرَها» ، وهذا يدلّ على بقائها في الذّمّة في حقّ المعذور، فغير المعذور أولى...

فالّذين أسقطوا القضاء على غير المعذور خالفوا هذا القياس، ثمّ تناقضوا أيضًا فإنّهم موافقون للجمهور في أنّ ترك المأمورات لا يخرجها من العهدة بخلاف المنهيّات، فإنّ المنهيّات هي الّتي يمكن أن تبرأ الذّمّة منها بدون استدراك كما في الأكل والشّرب في الصّوم بالنّسبة للنّاسي ونحوه ، والصّلاة هي من باب المأمورات.
وأمّا من يُسقط قضاء الفوائت من الصلوات المتعمّد تركُها قائلا : "مادامت لا تقبل قبل وقتها فكذا هي لا تُقبل بعد وقتها" فاستدلاله ليس بشيء؛

1 ـ فقوله أنْ : "ما دامت لا تقبل قبل وقتها فكذا هي لا تُقبل بعد وقتها !!!" هو عجبٌ من الأقيسة !!! إذ هي قبل وقتها لم يتوجّه بها خطاب، وبعد وقتها صارت دَينًا ؛ ومن قاس هذا على هذا فحاله كحال من استدان منك مالًا إلى أجل ، ثمّ لم يردّه إلى أن فات الأجل ، فامتنع أن يردّه بعد فوات الأجل أيضًا مستمسكًا بهذا القياس فقال : لم يكن لك عليَّ مال قبل الدّين ، وهكذا حين فات أجله لم يعد لك عليّ مال لفوات الأجل !!!
وهذا شبيه باستدلال ظاهريّ حزميّ ضعيف يستعملونه في المسألة أيضًا وهو أصلٌ يبني عليه ابن حزم ومن تابعه فروعًا كثيرة أعني:

2 ـ الاستدلال على عدم وجوب القضاء هنا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، ولفظ الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا ترك الإنسان الصلاة فلم يصلها في وقتها فإنها لا تنفعه، ولا تبرأ به ذمته إذا كان تركه إياها لغير عذر ولو صلاها آلاف المرات ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ " . ومن ترك الصلاة حتى خرج وقتها لغير عذر فقد صلاها على غير أمر الله ورسوله فتكون مردودة عليه !

وجواب هذا أنّه مبنيّ على أصل شاذّ في عدم التّفريق بين الإجزاء والقبول ؛ والصّواب لدى الفقهاء هو التّفريق وعدم تلازمهما ؛ فقد لا يقبل الله من العبد عملًا بمعنى أن لا يكون له عليه أجر يُزاد إلى أجر أعماله ، لكن يكون أداء ذلك العمل ـ مع ذلك ـ مسقطًا لتكليفه به مجزئًا في تبرئة ذمّته منه، ومثال ذلك أيضًا : من كان له عليك أمانة لم يؤدّها، ثمّ أدّاها بعد مماطلة، فإنّ ذمّته تبرأ بذلك ، فلا يُقال له : لمَ لم تؤدّها ؟ 

وإنّما يُذمّ على المماطلة ويكون المردود الحابط هو ثوابه واستحقاقه للمدح لا نفس الأداء بعد ذلك ، ومن كلام الفقهاء في ذلك ما ذكره الرّازي قال : ( مثاله : من استعار منك ثوباً ثم ردّه على الوجه الأحسن، فقد خرج عن العهدة ، واستحق المدح . ومن رماه إليك على وجه الاستخفاف ، خرج عن العهدة، ولكنه استحق الذم ) . وقال النّوويّ في شرحه لحديث مسلم في "صحيحه" عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا : " من أتـى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " قال : ( وَأَمَّا عَدَم قَبُول صَلَاته فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ ، وَلَا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة ) انتهى ، قلتُ : فكذا هنا الردّ وعدم القبول ـ على التّسليم به ـ لا يُحتاج معه إلى إعادة الإعادة مرّة أخرى ولا ألف ولا أقلّ ولا أكثر لحصول الإجزاء والإبراء، والله تعالى أعلم .

س2 / هل يصحّ الاستدلال بحديث جبر النّوافل للفرائض يوم القيامة على عدم وجوب قضاء الفوائت من الفرائض ؟
ج / النّفل لا يقوم مقام الفرض في الحكم الظّاهر لدى الفقيه أبدًا، وما في الحديث المذكور هو إمكان قيامه مقامه في الحكم الباطن والجزاء الأخرويّ يوم القيامة فقط، ولا تلازم، فمبدأ هذا البحث هو = معرفة أصلٌ مهمّ وهو : التّفريق بين الحكم الظّاهر وما ينبغي فعله وبين حكم الله وما يشاء أن يجازي به عباده، وهذا يقتضي التّفريق بين معنيي الصّحّة والقبول أيضًا وعدم التّلازم؛ فالصّحّة وعدمها هي = من الحكم الظّاهر للفقيه، والقبول وعدمه هو = حكم الله تعالى في ذات الأمر فهو تعالى قد يقبل العبادة مع كونها غير صحيحة في الظّاهر وقد يعتبرها لصاحبها مع أنّه لم يعملها أصلا كمن يهمّ بها ويمنعه من فعلها مانع، فالقبول مع ذلك قد يحصل لعذر يعلمه الله ويخفى على الفقيه أو لا يخفى عليه ولكنّه أُمر بإهماله أو هو يُتقبّل منه لغير عذر وإنّما لمحض تفضّل الله فإنّ ما دون تعمّد الشّرك الأكبر قد يغفره الله كما قال : (( إنّ الله لا يغفر أن يُشرَك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) ، 

ولذا فهو تعالى قد لا يقبل العبادة مع كونها صحيحة في الظّاهر كما في المشرك الّذي لم تظهر قرائن شركه والمنافق نفاقًا أكبر، وكما فيما دون ذلك ممّا يمكن أن يكون مانعًا من القبول في علم الله وبحسب مشيئته.
وهذا الانفكاك بين الصّحّة وبين معنى القبول يقتضي الانفكاك بينها وبين معنى الإثابة؛ فالصّحّة لا تقتضي الإثابة ولا عدمها وإنّما تبرأ بالصّحّة الذّمّة ويُخرج بها عن العهدة فهي = كأداء الدّين؛ إذ أداء الدّين لا يقتضي مكافأة عليه ولا عدم مكافأة وإذا اقتضاه فلا يقتضي قدرًا معيّنًا من ذلك، فكما أنّ أداء الدّين على مرتبة واحدة ولا تجزّؤ فيه كذا الصّحّة أيضًا هي على مرتبة واحدة بخلاف الإثابة فإنّها تتجزّأ كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ ، وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلاَّ عُشْرُ صَلاَتِهِ ، تُسْعُهَا ، ثُمُنُهَا ، سُبُعُهَا ، سُدُسُهَا ، خُمُسُهَا ، رُبُعُهَا ، ثُلُثُهَا ، نِصْفُهَا ) ،

 فمثل هذا التّجزّؤ لا يُحكم به في الظّاهر لخفائه وهو في الباطن معتبرٌ في الإثابة ودرجاتها من أدناها إلى غاية المطلوب وكماله فإن صاحب العبادة قد يبلغ تمام الأجر بقانون المضاعفة إذا انطبق عليه بعلم الله ومشيئته كما في الحديث القدسيّ : ( هِيَ خَمْس ـ أي خمس صلوات ـ وَهِيَ خَمْسُونَ ـ أي في الأجر ـ لَا يُبَدَّل الْقَوْل لَدَيَّ ) ، وفي التّنزيل (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها )) ، هذا مع كون المضاعفة لا تسقط ما في الذّمّة من أعداد أخرى من العبادات لأنّ الكلام هنا عن الجزاء والقبول والإثابة ونحو ذلك فقط ، فكذا قد يُرتقى في درجات الكمال في هذه النّاحية أيضًا بفعل النّوافل مع كون النّفل لا يقوم مقام الفرض في الحكم الظّاهر، ولذا فما جاء في الحديث الآخر : ( يقول ربنا عز وجل لملائكته: انظروا في صلاة عبدي، أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة،

 وإن كان انتقص منها شيئاً، قال: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ) : لا يصلح دليلا على سقوط الفرائض بفعل النّوافل لأنّ ذلك إنّما يُحتمل في ناحية القبول والإثابة والحكم الباطن فقط إذ معلوم في ناحية الصحّة والإجزاء أنّ النّفل لا يقوم مقام الفرض ولا يُسقط المطالبة به كما لا تُسقط مضاعفة الفرض المطالبة بعدد آخر من الفرائض سواء.

س3 / كيف يجب قضاء الفوائت مع ما في الحديث من أنّ الفرائض تُجبر بالنّوافل؟
ج / جبر النّوافل للفرائض محتمل أن يحصل يوم القيامة، وأما في الدنيا فتبقى المطالبة بالفرض كما هو، ولذا لا يجوز لك الآن أن تترك الفرائض وتسبتبدلها بالنّوافل بل عليك بأداء الفرض بعينه ، فكذا ما تخلّد بذمّتك هو دين عليك فيجب قضاؤه هو بعينه، ومثال ذلك أيضًا أنّه لا يجوز لك أن تصلّي الظهر يومًا وتتركه تسعًا اعتمادًا على كون الحسنة بعشر أمثالها، ولا يجوز أن تكتفي بالهمّ بالصّلاة دون أن تصلّي اعتمادًا على كون من همّ بحسنة ولم يعملها كُتبت له حسنة كاملة وهكذا ... إذ هذه الأحكام = أحكام أخرويّة فقط وهي دائرة مع محض مشيئة الله.
فصل :

ما جاء في الأحاديث من وصف بعض الأعمال بكونها تعدل غيرها ممّا هو أعظم منها سواء في الأجر أو في الوزر كحديث : « مُدْمِنَ الخَمْرِ كَعابِدِ وَثَنٍ » ، وحديث : « لَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِناً بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقتْلِهِ » ، وحديث : « مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ »، وكذا حديث : « مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ الله حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تامة تامة »، وحديث : « مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّراً إِلَى صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ المُحْرِمِ وَمَنْ خَرَجَ إلى تسبيح الضحى لاَ يَنْصِبُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المُعْتَمِرِ»، وحديث : «مَنْ جَاءَ مَسْجِدي هَذَا لم يَأْته إِلَّا لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ »...
كلّ ذلك هو من قبيل التّشبيه، والتشبيه لا يلزم منه المساواة ، فضلا عن المساواة التّامّة والتّعادل من كلّ وجه؛

يبيّن ذلك اتّفاق العلماء على أنّه لا تكفير لشارب الخمر مع أنّ الحديث ذكر أنّه كعابد وثن ، ولا قتل على من لعن مؤمنًا أو هجره أو كفّره مع أنّه متوعّد بوزر كوزر القاتل، وكذا يبيّنه اتّفاقهم على الانفاك بين معنيي الإجزاء والإثابة فلا تسقط حجّة الإسلام مثلا في حقّ من خرج إلى صلاة مكتوبة متوضّئا مع أنّه موعود بأجر حجّة وكذا الأمر في حقّ من جلس ينتظر طلوع الشمس ليصلّي ركعتي الإشراق ...

س4 / هل يسوغ تقليد القول بسقوط القضاء على من عليه فوائت كثيرة ؟
ج / لا يسوغ تقليد القول بسقوط قضاء الفوائت بالنّسبة للصّلوات المتعمّد تركها؛ فإنّه = قول شاذّ لمخالفته القياس الأولويّ على النّائم والنّاسي اللّذين نطق النّصّ بأنّ عليهما القضاء، وقياس الأولى = قياس جليّ فلا تسوغ مخالفته، وأشذّ من ذلك القول بسقوط القضاء على من عليه فوائت كثيرة قياسًا على سقوط القضاء على الحائض لمحلّ المشقّة، وهذا لأنّ سقوطه على الحائض = استثناء نصّّي فلا يُقاس غيره عليه وإلّا لما وجب عليها قضاء الصّوم مطلقًا ولو كانت الفوائت كثيرة 

س5 / ما طريقة قضاء الفوائت من الصّلوات ؟
ج / الصّواب في طريقة قضاء الفوائت من الصّلوات هو = أن لا حدّ في ذلك إلّا فعل الممكن، وهذا الممكن هو مما يختلف باختلاف الأشخاص في فراغهم وشغلهم، وفيما لا بدّ لهم من ذلك الشّغل كالاشتغال بالضّروريّات وما لهم منه بدّ مما ليس بضروريّ وهكذا.

ولذا يجب على المتفرّغ في أيّامه مقدار من الصّلوات المقضيّة لا يجب مثله على المشغول، ويجب على المتفرّغ في يوم بعينه ما لا يجب عليه هو نفسه في يوم يكون فيه مشغولا وهكذا، على أنّه لا اعتداد بشغل يُقضى معه في الجملة أدنى من مقدار صلاة فائتة مع الصّلاة الحاضرة، وإلّا آل الأمر إلى اعتبار غير الضّروريّ من المشاغل ضروريّا وإيثار الشّغل على العبادة ومن ثمّ إلى تضييع القضاء.
ثمّ من يمكنه قدر ما فوق ذلك فلا بدّ له من الزّيادة بقدر ما يمكنه، ولا حدّ معيّن في ذلك ـ كما تقدّّم ـ إلّا ما يقدّره الواحد لنفسه لينتظم له به الحساب على أن يكون ذلك القدر هو = معدّل ما يمكنه يوميّا فصاعدًا لا ما هو أدنى من المعدّل، والله تعالى أعلم.

الشيخ قيس الخياري
س6 / السلام عليكم شيخ، سؤالي عن الصلاة. لم اكن اصلي قبل الهداية.. فهل علي ان اقضي الصلوات ؟ واذا كان واجبا علي ذلك فكيف احسب؟ وهل ابدأ بالقضاء منذ البلوغ -انا بنت- علما اني بلغت في سن ال14 !! وكيف اقضيهم؟ جزاك الله خيرا
ج/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعدُ؛
فمَنْ عليه صلوات فوائت = يجبُ عليه قضاءُ ما تركه من الصلوات عمدًا .
ودليلُ ذلك: قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).

ووجهُ الدلالة: أنه إذا وجَبَ القضاءُ على التارِك بعذر النسيان فالتارك بلا عذر أولى .
وقولُ من قالَ: إنه لا يقضيها أصلًا ويكثر من النوافل = قولٌ شاذٌّ مخالفٌ للإجماعِ .
قال النوويُّ - رحمه الله - : (أجمَعَ العلماءُ الذين يُعتدُّ بهم على أنَّ من تركَ صلاة عمدًا لزمه قضاؤها، وخالفهم أبو محمد ابن حزم فقال: لا يقدر على قضائها أبدًا، ولا يصح فعلها أبدًا، قال: بل يكثر من فعل الخير وصلاة التطوع ليثقل ميزانه يوم القيامة ويستغفر الله تعالى ويتوب، وهذا الذي قاله مع أنه مخالفٌ للإجماع باطلٌ من جهة الدليل) .

أما عن كيفيّة حساب الفائت : فتحسب الصلوات التي فاتتك من حين بلوغك إلى الآن، وتأخذ بالاحتياط . أما عن طريقة القضاء فنصوص أصحابنا الشافعية على صرف الزمان إليها إلا زمنًا يحتاجه المرء في مؤنته ومؤنة من يعول ونحو ذلك ، قال ابن حجر الهتيمي - رحمه الله - : (فيجب على من عليه فوائت بغير عذر أن يصرف جميع زمنه إلى قضائها ، ولا يستثني من ذلك إلا الزمن الذي يحتاج إلى صرفه فيما لا بد منه من نحو نومه وتحصيل مؤنته ومؤنة من تلزمه مؤنته) .

وإن كان أمرُ القضاء عسيرًا عليكِ فلتصلّي مع كل فرض من فروضكِ الحاضرة فرضين أو أكثر قضاءً .
ونصحيتي لكِ أن تتجوزي في المقضيَّات ، فمثلًا: اقتصري على الواجب فقط من الأذكار ونحوها ؛ كيلا يشق الأمر عليكِ.
واعلمي أنَّ قضاءَ الفوائت مقدم على النوافل .
ونصحيتي لكِ أن تستغلي فترة الليل في القضاء؛ كي يحصل لكِ ثوابُ القضاء وثوابُ قيام الليل . قال العلامة البجيرمي - رحمه الله - في قيام الليل : (يحصل بفرضٍ ولو قضاءً). والله تعالى أعلى وأعلم .

الشيخ محمد سالم بحيري
س7 / شيخي علي قضاء 13 سنة، كنت بقطش مو ما كنت بصلي ابدا، بس لاستحالة الحساب ابتديت من وقت بلوغي كل يوم اقضي معه يوم ولكني لا اعلم ان كنت سأعيش للغد لأعيش 13 سنة وأكمل ما عليّ .. بصير اقضي بوقت الصبح وقت غير صبح وكذا ببقية الأوقات؟ وأسألك ان تدعو الله أن يثبتني على القضاء.. أخذت عهدا على نفسي من رمضان، يارب ثبتني.
ج / الحمد لله وحده.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتم عليك نعمته، وأن يطيل في عمرك حتى يتم قضاؤك وزيادة فيحسن عملك.
نعم يجوز أن تصلي أي فرض من الخمسة في أي وقتٍ، ولا يشترط الصبح في وقت الصبح، ولا الظهر في وقت الظهر.

والصلاة بالفاتحة وحدها في كل ركعة صحيحة.
وترتيب قضاء الصلوات الفائتة مستحب فقط وليس واجبا.
ويجوز قضاء أكثر من خمس صلوات فائتة في اليوم، بحسب القدرة والطاقة.
والصحيح ترك النوافل كلها حتى يتم قضاء الفرائض كلها.

ودَين الله أحق أن يقضى، والصلاة نور، والاستعانة بالله واجبة، والحول والقوة لله وحده.
وفقك الله وسددك.
س8 / لماذا تقولون يشترط للتوبة قضاء الصلاة ؟ اليست التوبة تجب ما قبلها ؟
ج / الحمد لله وحده.
من شروط التوبة: إرجاع الحقوق لأصحابها .

السارق آثم.
وإذا تاب قلنا له: لا تتم توبتك حتى تعيد المال لصاحبه، أو يسامحك.
القاتل آثم .
ولو تاب من ذنبه، فليس في المسلمين عاقل سيقول له: توبتك تجبّ ما قبلها، وليس عليك شيء . بل؛ لا تتم توبته من كبيرة القتل إلا بعد دفع الدية أو القصاص .

والعبادات التي فرضها الله عز وجل على الإنسان، حقوق لله.
فمن تركها متعمدا، وأراد أن يتوب، فلا تتم توبته حتى يقضي ما عليه من ديون الله.
من أفطر يوما من رمضان متعمدا بلا عذر، آثم، وقد حكي الإجماع على وجوب قضاء هذا اليوم حتى تصح توبته وتتم.
ولا يقال: قد تاب، وليس عليه صيام.

وكذلك من ترك الزكاة متعمدا، لا تتم توبته حتى يدفعها، ولا يقال: تاب .. فسقطت الزكاة وضاعت.
وكذلك الصلاة، بلا فرق، وقد ذكر الإمام النووي وابن قدامة أن قضاء الصلوات المتروكة عمدا: واجب بالإجماع، قول الأئمة الأربعة وجميع المسلمين.

س9 / اذا كان المذنب على جهل بما أذنب ثم علم خطأه .. ليه المفروض يعيد الصلاة والصوم بما أنه لم يكن متعمدا لمعصية الله!
ج / الحمد لله وحده.
كيف على جهل بما أذنب؟
هل هناك مسلم لا يعرف أن ترك الصلاة والصوم في رمضان غلط وحرام وبيدخل النار؟ هذا أولا. ثانيا :
المسلم يجب عليه أن يتعلم ما هو الإسلام، وكيف يفعل العبادات، لا معنى للديانة إلا ذلك.
فعلى فرض أنه كان جاهلا بحرمة ترك الصلاة، فهو مذنب ومقصر.
ثالثا : هذه فروض ربنا. أي: هي الخطة العملية لدخول الجنة.

 قضاء الصلاة المفروضة المتروكة عمدًا .

إرسال تعليق

أحدث أقدم